Translate

السبت، 26 ديسمبر 2015

باريس وذكاء الاستدراج

(باريس وذكاء الاستدراج)
اصيبت باريس عاصمة النور يوم 13 نوفمبر الماضى بسلسلة هجمات منسقة شملت عمليات إطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن وقد غطى هذا الحادث على كل الاحداث السابقة الهامة وتصدر عناوين الاخبار فماذا حدث فى باريس ولماذا تنظيم الدولة يعادى الجميع بدون توقف ولماذا استهدف باريس تحديدا دون عواصم اوروبيه اخرى مشاركة ضده بالفعل فى التحالف الستينى منذ اكثر من عام بالرغم من انها اسهل وايسر استهدافا من باريس (شديدة التامين) .. وماذا سيجنى التنظيم من العملية غير تكثيف الغارات وزيادة العداء للاسلام والمسلمين فى الغرب بل وفى الداخل الاسلامى .
عملية باريس :
تاتى هجمات باريس ضمن كلمة الاعنف فى تاريخ فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية وتاتى عقب قرابة عام من هجمات تشارل ابيدو التى تبناها (قاعدة اليمن) فى باريس ايضا وبعد 11 عاما من هجمات مدريد الدامية .. ولكنهم جميعا لم يكونوا بنفس ضخامة او تنسيق او عدد قتلى هجمات باريس .. فقتل فيها 130 قتيل فهى تاتى فى المرتبة الثانية من الهجمات الاكثر دامية على الغرب بعد هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة وهى تاتى بعد تبنى التنظيم عدة عمليات مستهدفا بها الغرب وحتى الشرق .. فلم تسلم ضاحية بيروت الجنوبية ومدينة الصدر فى بغداد وكانت الخاتمة باسقاط الطائرة الروسي فى سماء سيناء .. فعملية باريس لم تكن بداية بل كانت خاتمة لكل هذا واكثر .. ولكنها الاشد وجعا للغرب لانها عاصمة النور التى تجمع كل الثقافات فاستهدافها معنويا شديد ناهيك عن العدد والتنفيذ الاكثر من دقيق .
تفاصيل العملية :
نفذ العملية 3 مجموعات .. 
المجموعة الاولى استهدفت ملعب (Stade de France) فى ضاحية سان دونى واثناء لقاء كرة قدم ودى بين فرنسا والمانيا و التى كان يحضرها الرئيس الفرنسى و وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير وقد كان اعضاء تلك المجموعة 3 افراد قاموا بتفجير انفسهم مستهدفين قوات امن ومدنين فى محيط الاستاد وقد قامت على الفور الشرطة باخراج الرئيس والشخصيات الهامة من المكان وامرت الجمهور بعدم الخروج والنزول لارضيه الملعب خشية تعرض الاستاد لعمل ارهابى ولعد القدرة على تامينهم فى الخارج الان .. 
المجموعة الثانية بدا مسلح فتح النار على المارة شارعى بيشا وأليبار وفى نفس الوقت قامت سيارة اخرة يستقلها عدد من المسلحين باستهداف على مطعم (Le Carillon) عند تقاطع شارعي بيشا وأليبار والمطعم المقابل (Le Petit Cambodge) وادت تلك الحادثة لمقتل ما لا يقل عن 15 واصابة 10 وهرب المنفذون وبعد حوالى 7 دقائق ظهر مسلح فى شارع لافونتان أو روا وستهدف مطعم (La Casa Nostra) للبيتزا مما أدى إلى مقتل 5 وعدة اصابات .. بعدها ب 3 دقائق تم إطلاق الرصاص العشوائي في شارع فولتير ما أسفر عن مقتل 5 اشخاص قام مسلحان بإطلاق النار تجاه ملهى ليلى لابيل ايكيب في شارع شارون بالدائرة الحادية عشر وخلف الهجوم على 18 قتيل 
المجموعة الثالثه بعد حوالى 12 دقيقة اقتحم اربعة من المسلحين مدججين بالاسلحة والاحزمة الناسفة مسرح باتاكلان(Bataclan Concert) الذي يتسع ل1500 متفرج خلال حفلة لموسيقى الروك تحييها فرقة أمريكية واطلقوا النار بشكل عشوائي وقتلوا عدد غير محدد وسيطروا على القاعة وعدد كبير من الحضور قام المسلحون بعد ذلك باحتجاز من بقي حياً من الجمهور كرهائن بينما استطاع جزء آخر من الجمهور الهروب من باب خلفي للمسرح وعند محاولتهم الهروب تعرضوا لإطلاق نار وسقط منهم قتلى وبعدما قامت الشرطة بحصار المكان بدا المسلحين فى قتل الرهائن وأنهت عملية الاحتجاز وقتل في العملية 89 شخصا وقد مات جميع المهاجمين ثلاثة منهم قتلوا بتفجير أحزمة ناسفة بين الرهائن بعدما نفذت ذخيرتهم وفي حين أصابت عناصر الشرطة مهاجماً رابعاً انفجر حزامه بعد سقوطه لم يخلف هذا الاقتحام أي قتيل في صفوف القوات الخاصة والشرطة .فيما اكد من نجا من الحادث ان المهاجمين كانوا يرتدون على راسهم شريطة تحمل كلمة (لا اله الا الله) وانهم كانوا يرددون بالفرنسية (هذا من اجل اطفال سوريا) (اولاند هو سبب مقتلكم) (هذا من أجل الشر والأذى الذي قام به أولاند في العالم) وغيرها من العبارات
خرق امنى :
نزلت هجمات باريس معلنة اولا خرق امنى على اعلى مستوى فكيبف لعدد من المسلحين لا يتعدى 10 بكل المقاييس ان يقتل ويناور ويشتبك فى قلب عاصمة النور بل وسيطير على مسرح ب 4 مسلحين .. فبالتاكيد هؤلاء المسلحين يمتلكون تدريبا عاليا وبالفعل كشفت التحريات ان من كان يقود العملية (عبد الحميد أباعود) الذى قتل فى اشتباكات ضاحية سان دونى اثناء دهم الشرطة الفرنسيه للمكان وقد قتل جميع من شاركوا فى العملية عدا صلاح عبد السلام الذى هاربا حتى الان وهو من قام يتجهيز وتحضير الاسلحة والسيارات للمهاجمين .. وللمفارقة اباعود مطلوب امنيا بسبب تواجدة فى سوريا والمهاجمين الاخرين اغلبهم كانوا فى سوريا فكيف دخلوا الى قلب باريس .. فهذا السؤال يجيب عنه جواز سفر تابع لاحد المهاجمين يقول انه من سكان ادلب ولكنه اثبت لاحقا ان الجواز مزورا .. مما يرجح ان تنظيم الدولة فى سوريا يمتلك جهاز لعمل جوازات السفر .. مما قد يقلق اوروبا جميعا من اى شخص يحمل جواز سفر سورى .
تبعات الهجوم:
اعلن الرئيس الفرنسى اجرائات داخلية بنشر الجيش واعلان الطوارئ وتكثيف الغارات على تنظيم الدولة فى سوريا .. وارسال حاملة الطائرات (تشارل ديجول) الى شرق المتوسط ولكن بالفعل فرنسا مشاركة فى التحالف الدولى لقتال التنظيم فهى لم تشارك بعد العملية كما توهم البعض .. بل عززت من مشاركتها ليس الا .. والتنظيم يقصف بالطيران منذ سبتمبر 2014 وهذا لم يغير كثيرا من واقع قوة التنظيم على الارض فهل بضع طائرات فرنسية او بريطانية ستضيف للاسطول الجوى الذى يقاتل منذ اكثر من عام .. فالقصة ليست زيادة عدد الطائرات .. القصة اين هى الاهداف العسكرية ليتم قصفها .. مع اعتماد استراتيجية التنظيم فى حرب العصابات.. 
الاجئين السورين:
اعلن التنظيم ان العملية تاتى ضمن سلسلة عمليات للانتقام من الذين يقصفون اراضيهم من دول التحالف الدولى والتى منها فرنسا .. هذا السبب المعلن اما التحليلى .. يحاول تنظيم الدولة استقطاب المهاجريين السوريين من اراضى تحت سيطرة المعارضة وداخل تركيا وحتى مناطق النظام وظل منذ بداية دخولة الشام مطالبا الاهالى بالانضمام الى اراضيه وانهم سيكونون بامان حتى لو دياناتهم غير الاسلام فالتنظيم الجماعة الوحيدة المسيطرة على اراضى التى دعت اللاجئين للقدوم اليهم وانهم سوف يعتنون بهم ويقتسمون اللقمة معهم ولكن بعد فتح اوروبا المجال للاجئين وتحت صمت تركى عن حالات الهروب فى بحر ايجه مريب ولكنه وضحت اسبابة لاحقا فى الضغط على اوروبا وتصدير الازمة اليها .. وعندما فتحت ميركل المانيا والسويد وغيرها من الدول الاوروبية المجال .. فطبعا كانت المقارنة محسومة .. فهل تذهب للنظام العلوى الامنى او لتنظيم يسيطر على اراضى ويتعرض للقصف ام اوروبا .. بالطبع رجحت كفه اوروبا .. ولكن عملية باريس ارعبت كل اوروبا من السوريين والمسلمين حتى لو لم تقول ذلك فى الاعلام فتوقفت اوروبا عن استقبال عدد كبير من اللاجئين وهذا ما كان يحاوله التنظيم فى ظل دعواته الكثيرة فى طلب اللاجئين للقدوم لمناطق سيطرته ليعطى لنفسه شرعية انه الملاذ الاخير لاهل السنه فى الشام .
اهداف التنظيم :
لا يفرق مع التنظيم تشديد الضربات الجوية ولكنه يريد استدراج اكبر قدر ممكن من الغرب (المسيحى) لتكون حرب هواياتيه (مسيحين ومسلمين) ليحرج اعدائه من العرب والمسلمين عندما يتلقون الدعم من الغرب لقتال تنظيم يسعى لاقامة الخلافة فينكشف الكثير من الحكام العرب امام شعوبهم بدعمهم حرب (صليبية) ضد المسلمين كما حدث فى حرب العراق (عاصفة الصحراء) وايضا احتلال العراق 2003 عندما اكتشف اغلب الحكام العرب ولائهم للامريكان بل ودعمهم لها كالاردن والخليج تحديدا بعدما كان سببا فى اشعال الحرب الطائفية (شيعية..سنيه) فى الشام والعراق واليمن .. محاولة وصف التنظيم بانه المدافع الاول عن السنه فى سوريا وان معركة الشام ضده ففط وان باقى الفصائل لا تدافع عن السنه فالتنظيم الوحيد الذى ارسل مقاتلين مدربين للقتال فى قلب باريس (ثارا للسورين) وهو ما لم تفعله جماعة تقاتل فى سوريا اخرى ..
لماذا باريس :
الهدف الرئيسى من استهداف باريس تحديدا يتلخص فى هوية فرنسا والتى بها ملايين المسلمين من اصول شمال افريقية والتى يسعى التنظيم لاستقطاب تلك الفئه ولكن كيف سيستقطبها وهو يهاجم باريس ارضهم !!
يعيش الكثير من المسلمين فى فرنسا ويمارسون شعائرهم الاسلامية بحرية فعندما يحدث هجوما كمثل باريس سيتقوم حملات فرنسية لاستهداف المسلمين حتى لو (شعبية) فسكون اثرها كبير على المسلمين هناك كحرق المصحف مثلا فى بعض الميادين وخروج اليمين المتطرف بتصريحات ضد الاسلام والمسلمين فى العموم وبالطبع تضيق الشرطة الفرنسية على المسلمين وبناء المساجد والمنقبات وحتى المحجبات .. فلن يحد هؤلاء من يحتويهم غير تنظيم الدولة الاسلامية بعدما سيشتد التضيق على حريه ممارسه شعائره الاسلامية فى فرنسا اكبر الدول الاوربية لديها جالية مسلمة .. نجحت استراتيجية التنظيم شعبيا ولكنها فشلت رسميا ففرنسا تتحدث دائما ان الاسلام لا يرتبط بالتنظيم وان المسلمين لهم كافة الحقوق كاصحاب الديانات الاخرى فى فرنسا .. ولكن فوز اليمين المتطرف فى الجولة الاولى من الانتخابات الفرنسه قال عكس ذلك .. وياتى مرشح الرئاسة الامريكية دونالد ترامب والذى قال انة لابد ان يتم منع المسلمين من الدخول لاميركا نهائيا وتلاها تصريح رئيس جامعة ليبيرتي الأمريكية جيري فولويل داعيا الطلاب إلى حمل السلاح ل (القضاء على المسلمين قبل أن يدخلوا علينا) هنا نجح التنظيم فى استراتيجيته لاستدراج الغرب لتلك اللهجة الشرسة التى يقوم ببثها كدعاية له على مواقع التواصل الاجتماعى وهو ما ذكرته هيلارى كلينتون .. ان التنظيم يدعم كلامه عن الحرب ضد المسلمين بتصريحات ترامب التى ادت الى انضمام عدد كبير من المسلمين الغربيين الى التنظيم .. مطالبة بوقف عداء المسلمين واضهادهم فى الغرب لان ذلك ما يرديه التنظيم ..
..
لم ينجح التنظيم فى عمليه باريس فى استدراج اعدائه فقط بل انه استدراج المسلمين فى الغرب تحديدا .. بين ممارسة شعائرهم بحرية فى اراضى والموت فيها قريب او الاضهاد والتصريحات والافعال المسيئة للاسلام والاكتفاء بالاستماع والصمت .
‪#‎T_karem_samy‬
‫#‏أسال‬ 
‫#‏شارك‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق